الـــــدولة القٌطرية والمتغيرات العالميــــــة رهانات البقاء والإقلاع الديمقراطية – الأمن – التنمية
كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية
قسم العلوم الاجتماعية
شعبة الفلسفة
تنظم
الملتقى الوطني الأول حول موضوع
الـــــدولة القُطرية والمتغيرات العالميــــــة
رهانات البقاء والإقلاع
الديمقراطية– الأمن– التنمية
أيام 23 و24 مارس 2022
الرئيس الشرفي للملتقى مدير جامعة مولود معمري تيزي وزو البروفيسور أحمد بودة
المشرف العام على الملتقى عميد الكلية الدكتور فريد بوطابة
رئيس الملتقى الدكتورأحمد باجي
رئيس اللجنة العلمية الدكتور سمير حسنة
رئيس اللجنة التنظيمية الأستاذ حشلاف يونس
ديباجة
لا يمكن أن تكون الدولة غير الإمكان الإنساني الذي بقي صلبا بعد أن تحقق في الوجود، الغريب أنه به يحقق جميع ممكناته الأخرى لأنها تقدم له ضمانة ذلك، أو يفترضُ أنها تقدم له ذلك، إن ما تضمنه في الحقيقة هو ناجم عن الوعي بحقيقة مفادها أن الدولة وجدت أصلا لكي تنظم العلاقات وتفتح الأفق واسعا أمام الإنسان لكي ينجز مشروعه الخاص الذي لا يعطل بتحققه مشروع غيره الذي معه فيها، لأن الأصل في الدولة هو توجيه الإرادات إلى الأمام عبر قوانين محكمة لكي لا تتصادم وتنهار هي جراء ذلك، المدهش هنا أن قوة الدولة وصلابتها يستمدُ من الإنسان ذاته ففي كل مرة يحققُ فيها ممكنا من ممكناته سواءُ في الاقتصاد أو التربية والتعليم أو في الصناعة أو التكنولوجيات أو الزراعة إلا ويؤثر فيها تأثيرا كبيرا، من جهة كونها أنها ستكون في مأمن من غيرها من الدول، وربما تكون هي ذاتها رائد في كل شيء وتحدد مصير بقية الدول وترسم للكل خارطة طريق للخروج من حالة الركود والتخلف الذي يعانون منه، أي تصير هي النموذج الأعلى الذي يجبُ أن يحتذى به في كل شيء في غالب الأمر، ومن يصير كذلك يعني أن قيَمه الثقافية وبرامجه التربوية والسياسية ونظامه الاقتصادي يتحتزم ويصدر للبقية أي يصير كونيا، طبعا سيخلقُ هذا تهديدا للبقية لأن لكل دولة خصوصية ثقافية وحضارية تجعل من كونية نموذج ما تهديدا لهويتها ولسيادتها وربما لوجودها من الأساس
نعم هناك من يعتقد أن كونية أو عالمية نموذج حضاري ما يشكل تهديد لدولته، لذا تجده يناضل ضد الأفكار والقيم التي تأتي من خارج الحدود، بدعوى حفظ الخصوصية وهو في ذلك ينسى أن التثاقف الحضاري بين مختلف الحضارات والدول أمرٌ محتم، وأنه يأخذ لنفسه ضربا له من الصلابة بمكان نعني كقانون كوني لا يمكن الوقوف أمامه وإن طالت المقاومة وطال النضال، بمعنى ما أن الدولة المتخلفة في كل شيء والتي تعاني من الهشاشة في بنياتها المختلفة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية لن تكون في منأى عن التأثر لأنها ستصير مجرد فلك تابع، تستنفذ ممكناته لصالح المركز، ما يطرأ على المركز من تغيير في القوى والقدرات يقودُ حتما إلى تغيير في الفلك التابع نعني في الدول القُطرية المتخلفة، لأنَ الأخيرة ليس لديها مناعة من اجتناب ذلك، بل وكارثة الانشطار إن كانت تضم مجتمعا فسيفسائيا، وكانت هي لا تضمنُ إلا القليل من الحقوق على الرغم من إمكانياتها الطبيعية القادرة من خلالها أن تنفك على أن تكون فلكا تابعا لغيرها وفي مأمن من الزوال والانحلال
إنَ التخلف هو مدخل التبعية وفقدان السيادة بل وربما الوجودُ ذاته من الأساس، وقد يكون سببه الرئيس تعليق أغلب الممكنات الإنسانية بفعل الاستبداد السياسي، فما إن تعلق الممكنات لن يكون هناك شيء يتحقق، وتفقد الدولة قدرتها على تجديد طاقتها من الإنسان الذي يقطنها، بل يصير الأخيرُ تهديدا لها إن كان مجتمعها فسيفسائيا بامتياز، وما يشكل النموذج الحضاري الأعلى من الدول الرائدة والمسيطرة على المركز ستفعل فعلها من خلال تلك الخاصية، بل ستكون مدخلا أساسيا للابتزاز بين أن تخضع أو تتفكك تحت مسميات مختلفة كحماية الأقليات الدينية أو العرقية، وهذا يعني ضمنيا أن أي دولة تقع بين عنصرين أساسيين وفاعلين هما الوضع الداخلي للدولة والمتغيرات العالمية، كلاهما يمكنُ أن يكونا سببا في زوالها ويمكنُ أن يتحولا إلى داعم للبقاء وربما التقدمُ ذاته، وهذا بالذات ما جعلنا نستدرج خيرة العقول الأكاديمية لأجل التفكير في هذه القضية المصيرية التي يحيلُ إليها عنوانُ الملتقى الوطني الأول الدولة القُطرية والمتغيرات العالمية شروط البقاء والإقلاع الديمقراطية – الأمن – التنمية، عقولٌ تحسُ بالشرخ الحاصل في اليومي، بفعل التناقض بين المثل العليا لديها وبين الواقع، بين إمكانيات بشرية وثروات طبيعية كان بإمكانها أن تجعل الدولة في مصاف الدول نظرا لحجم التضحيات التي قدمت منذُ القدم وإلى الآن تقدم، وكأن حجم التضحيات لا يحيلُ إليه الواقع المتردي بالمرّة
إنَ المسألة التي نستدرج من خلالها كل الأقلام والعقول التي يمكنُ أن تفكر وبعمق في المسألة هي أكثر من الأهمية بمكان، لأنَها متعلقة بالمصير بأن نكون أو لا نكون في زمن القوى العظمى قد زاد تكالبها على دول العالم الثالث، وفي زمن أقل ما يقال عنه أنَه زمن التقنية والتكنولوجيات القادرة على خلخلة الدول من الداخل، لأنها تنشط النزاعات، بل وتحيي النعرات الدينية والعرقية، إنَنا في زمن يجعلُ من كل شيء هشا وقابلا للاشتعال، بل وللتفكك والأفول، والحالة الأخيرة هي حصيلة شروط قد توقعت، وهي في الأصل تحيلُ إلى أن الدولة بما هي إمكان قد استنفذ ما لديه من قوة وألحق بقائه في الوجود طبعا على الرغم من طول إصرار ومقاومة تحت يافطات متعددة إسلامية أو علمانية أو أي شعار يمكن أن يؤجل زواله، والشيء الأكيد هنا أن ما سنبحثُ عنه وفيه وبعمق لا يقصي بالمرّة هذا الوجه السالب والمهول من جهة الأسباب التي قادت أو يمكن أن تقود إليه مستقبلا
للمزيد من المعلومات أنقر هنا