الملتقى الوطني الأوّل حول
التراث الثقافي غير المادي الجزائري
مساءلة المنجز النقدي ورهانات المستقبل
ديسمبر19/20 2021-عن بعد –
إشكالية الملتقى
تعّرف منظمة اليونسكو(منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة ) التراث الثقافي غير المادي في نص اتفاقية – وضعت بباريس سنة 2003 بشأن حماية هذا التراث الثقافي كما يلي: « يقصد بعبارة « التراث الثقافي غير المادي » الممارسات والتصورات وأشكال التعبير والمعارف والمهارات- وما يرتبط بها من آلات وقطع ومصنوعات وأماكن ثقافية -التي تعتبرها الجماعات والمجموعات، وأحيانا الأفراد، جزءًا من تراثهم الثقافي. وهذا التراث الثقافي غير المادي المتوارث جيلا عن جيل، تبدعه الجماعات والمجموعات من جديد بصورة مستمرة بما يتفق مع بيئتها وتفاعلاتها مع الطبيعة وتاريخها ،وهو ينمي لديها الإحساس بهويتها والشعور باستمراريتها ، ويعزز من ثم احترام التنوع الثقافي والقدرة الإبداعية البشرية. » (https ://ich .unesco.org)
ندرك -انطلاقا من التعريف السابق – بأن التراث الثقافي غير المادي، والأدب الشعبي جزء أساسي ومهم منه، هو ذاكرة الشعوب الحية وأساس الإبداع الفني الذي يثري الحاضر ويلهم المستقبل لأنه يشكّل قوة ثقافية مؤثرة ومصدرا روحيا لا ينضب عطاؤه على مدار التاريخ الإنساني ولهذا فإن الحفاظ على مكوناته ومواده هو أفضل وسيلة للحفاظ على الهوية واستمرار الثقافة
وتمتلك الجزائر البلد القارة إرثا ثقافيا خصبا ومتنوعا – من حيث مواده ولهجات إنتاجه – مما يعكس عراقة تاريخها وهويتها الحضارية، وقد بدأت تظهر العناية ببعض مواد التراث الثقافي غير المادي الجزائري منذ الفترة الاستعمارية، فكتب حوله المستشرقون والأثنوغرافيون الفرنسيون بعض الدراسات والمقالات في المجلة الإفريقية (جان ديسبارمي J .Desparmet، سونك، ألكسندر جوليA.Joly، هانوطو،رنيه باسيطR.Basset، ألفرد بال A.Bel ، هانوطوHanoteau …)وكان اهتمامهم منصّبا حول الموضوعات والقيم والجانب التاريخي من وجهة نظر استعمارية،حيث حاول هؤلاء الدارسون دراسة مضامينه قصد معرفة نفسية الشعب الجزائري وطرق تفكيره وسلوكياته بغرض السيطرة عليه وإخضاعه للإدارة الاستعمارية والقضاء على كل بذور المقاومات الشعبية، وقد اعتنى كذلك – من جهة أخرى- بعض المثقفين الوطنيين من تلاميذ مدرسة المعلمين والمدارس الفر نكو عربية بهذا التراث فسجلوا بعض مواده وعلقوا على موقف الفرنسيين منه، حيث نذكر مثلا جهود محمد قاضي ومحمد بن أبي شنب وأبو علي الغوثي بن محمد ، عمار بوليفة ….الخ.
أما في مرحلة ما بعد الاستقلال فقد تم إدراج بعض مواد هذا التراث الشعبي في الجامعات الجزائرية باعتباره جزءا مهما من التراث الثقافي غير المادي، حيث عرف البحث الأكاديمي والنقدي في هذا المجال بعض التراكمات المعرفية إذ تم استقطاب مجموعة من الباحثين من مختلف التخصصات والحقول المعرفية (أنثروبولوجيا، علم اجتماع، لسانيات، أدب، نقد، علم النفس…) مما يبرز حيوية هذا الميدان وقابليته المعرفية (الابستمولوجية) لاستيعاب مختلف المعارف والأدوات المنهجية . ولكن على الرغم من كل ذلك ما يزال الأمر يحتاج إلى تصنيف علمي وتوثيق موضوعي لهذا التراث، بمختلف مواده ولهجات تداوله، مما يتطلب تكوين باحثين متخصصين مؤهلين للبحث في هذا المجال
إذن نستطيع أن نقول- على العموم- إن الدراسات الشعبية في الجزائر محدودة وغير كافية، وهي في معظمها تمثّل توجهات فردية وخاضعة للميولات الشخصية بمعنى أنها لا تشكل نزوعا عاما يؤسس لحركة بحثية منظمة ومستمرة ، ولا يتناسب حجمها ولا قيمتها مع غنى وتنوع هذا التراث الثقافي الجزائري الموروث وكذلك المتداول الحي في الوقت الراهن إنتاجا وإعادة إنتاج
ويأتي هذا الملتقى الوطني ليعمل على رصد وتمحيص مختلف التطورات التي عرفتها دراسة التراث الثقافي الجزائري غير المادي واستشراف بعض آفاقه ورهاناته المستقبلية في ظل مختلف التغيرات التي تعرفها الدراسات الإنسانية. و عليه فإن إشكالية الملتقى تتلخص في الأسئلة التالية:
ما هي طبيعة الدراسات الشعبية المنجزة في المرحلة الكولنيالية ومرحلة ما بعد الكولنيالية؟ وأين تكمن أهميتها؟
ما هو واقع الدراسات النقدية للتراث اللامادي الجزائري سواءً أكان على مستوى الهيئات الجامعية أو المؤسسات الثقافية المختصة ؟ أم على مستوى الجهود الفردية ؟
هل تملك الجزائر باحثين مؤهلين تقنيا وعلميا للقيام بهذه البحوث العلمية ؟ وما دور الهيئات الجامعية في ذلك ؟
كيف تتم مراعاة خصوصية هذا التراث وخصوصيات إنتاجه وتداوله من خلال استدعاء الإجراءات المتناسبة وطبيعته الخاصة ؟
ما هو مستقبل وآفاق الدراسات الشعبية في الجزائر( الرؤى المستقبلية والرهانات) ؟
كيف نحقق الحماية الفعلية لتراثنا الثقافي غير المادي ونجعله يحظى بقيمته الفعلية الأكاديمية المستحقّة؟ ونجعله المنطلق لتحقيق التنمية المستدامة ؟
أهداف الملتقى
المعرفة العلمية للثقافة الشعبية الجزائرية، والتعريف بأهمية دراستها للطلبة والباحثين والعمل على دعم استمرارية موادها وتداولها وإنتاجها للأجيال اللاحقة وخاصة ما تعلق منها بالتراث الثقافي غير المادي لأنه الأكثر تعرضا للتلف والزوال والأسرع إلى الضياع
زيادة الوعي بقيمة مواد التراث الثقافي غير المادي الجزائري (بمختلف أشكاله وتنوع لهجاته العربية والأمازيغية) على الصعيد الاجتماعي والتاريخي والاقتصادي باستخدام كل الوسائل المتاحة من خلال وسائل الاتصال المعاصرة و الرقمنة ومناهج التعليم
توفير تراكم معرفي حول الموروث الثقافي الشعبي الجزائري – بمختلف لهجاته – بهدف مراعاته في وضع البرامج التنموية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية لتحقيق التنمية المستدامة وتعزيز التنوع الثقافي واحترامه
تشجيع دراسته والحفاظ على مواده باعتبارها مكونا من مكونات الهوية الوطنية وتثمينه باعتباره ممارسة أدبية وثقافية لها قيمتها الفنية والثقافية الاجتماعية
إنشاء بحث علمي جاد واستراتيجي يقوم على توثيق وتكوين قاعدة بيانات علمية بمواد هذا التراث وتدريب الإطارات والباحثين المتخصصين
وضع خطط علمية مدروسة للتعريف بهذا التراث وأهميته والعمل على حمايته من النهب أو القرصنة أو سوء الاستخدام
محاور الملتقى
المحور الأول:الدراسات الشعبية الجزائرية في المرحلة الكولنيالية ( دراسات الأثنوغرافيين العسكريين، المستشرقين ، الدارسين الوطنيين …)
المحور الثاني: الدراسات الشعبية الجزائرية في مرحلة ما بعد الكولنيالية ( الرسائل الأكاديمية، الدراسات النقدية المتخصصة، مراكز البحث …ألخ)
المحور الثالث: الدراسات البينية في التراث الثقافي غير المادي الجزائري : التداخل المعرفي بين التخصصات والمناهج العلمية : ( علم النفس، السوسيولوجيا، الأدب، النقد، اللسانيات ، الأنثروبولوجيا، التاريخ….) ، المناهج:( بنوية، أسلوبية، سيميائية،تداولية، جمالية التلقي، نقد ثقافي، معرفية ….)
المحور الرابع : مستقبل التراث الثقافي غير المادي الجزائري وآفاقه ( الثقافة الشعبية والعولمة، رقمنة الثفافة الشعبية، الثقافة الشعبية ووسائل الاتصال، إعادة إنتاج الثقافة الشعبية ….)
لمزيد من المعلومات، انقر هنا