مخبر تحليل الخطاب
ينظـــم ملتقى وطني بعنوان
سؤال الأدبية في ضوء التحولات المعرفية المعاصرة
يوما،08و 09 ديسمبر 2021
الديباجة
ارتبط التنظير لأدبية الأدب، منذ العصر اليوناني بالفلسفة الأرسطية، حين كتب أرسطو كتابه فن الشعر، وما يوحي به من محاولة في فهم طبيعة النص الأدبي انطلاقا من معاينة محايثة، تقوم على استنباط المعايير الكفيلة بجعله أدبا، وعلى الرغم من أنه أشار إلى تلك التقاطعات التي توجد بين الشعر والفلسفة إلا أن الهاجس الأكبر بالنسبة إليه كان محاولة تقديم نظرية تنطلق من ماهية الشعر ووظيفته وأدواته.
غير أن مفهوم الأدبية اتخذ مسارات مغايرة عندما ارتبط التفكير فيها بمعارف وعلوم أخرى، حاول المنظرون استثمار مقولاتها ومفاهيمها في فهم الأدبية التي ظلت مثار نقاش بين مختلف العلوم، لتتحول هذه العلوم فيما بعد إلى رافد قوي يغذي فهم دارسي الأدب للأدبية، ففسرت استنادا إلى تلك المقولات، لتبتعد شيئا فشيئا عن موضوعها، ويتحول الأدب إلى ظواهر تاريخية أو اجتماعية أو نفسية وغيرها.
وعلى الرغم من الجهود التي بذلت لدى المدرسة الشكلانية التي اعتقدت بأن الشكل يمكن أن يكون معيارا للحكم عن القوانين التي تؤسس لأدبية الأدب، فإنه سرعان ما تم التخلي عن التفكير فيها لحساب علم اللغة،
بدعوى الطبيعة اللغوية للأدب، ليسقط الأدب مرة أخرى في مغامرات المناهج والنظريات الشكلية والبنيوية بالنظر إليه باعتباره ظاهرة لغوية ابتعدت فيه هذه النظريات شيئا فشيئا عن بلورة المفهوم الحقيقي لأدبية الأدب، انطلاقا منه، وليس استنادا إلى علم خارج عنه، مهما كانت أواصر القرابة، الأمر الذي ترك السؤال حول أدبية الأدب معلقا بين توصيفات مستمدة من مختلف التطورات التي لحقت بالمناهج النصية التي انطلقت من علم اللغة ثم ما لبثت أن تعود إلى معارف سابقة، ونظريات وعلوم أخرى، لتعقد توليفات نظرية ومنهجية، ظل الأدب من خلالها حقل تجارب لا حصر لها، وظل مفهوم الأدبية معلّقا.
وفي ظل توجهات جديدة فرضتها تحولات ما بعد الحداثة وتأثيرات التكنولوجيا، وتداخل المعارف، باتت هوية الأدب عرضة لتهديد كبير، وبدا معه مفهوم الأدبية مفهوما هلاميا، حتى بات الاعتقاد أن أمر التفكير فيها بات محسوما. وأن السؤال عنها يدخل في إطار البداهات.
فهل يمكن في ظل هذا المسار التحوّلي الذي ساد فيه الاتكاء على مختلف المعارف والعلوم الخارجة عن الأدب، إعادة التفكير في سؤال البداهة هذا والحديث مرة أخرى عن مفهوم الأدبية اليوم، والتساؤل حول جدوى الحديث عن خصوصية الأدب، وإلى أي مدى يمكننا أن نستخلص قوانين للأدبية من الأدب ذاته، هل أن طبيعة الأدب ذاتها باعتباره نصا مطلقا، متحولا، هي ما يحول دون التفكير في مثل هذه الخصوصية، أم أن الأمر متعلق بحاجة الأدب الأبدية إلى غيره من العلوم لكي يفهم وتفسر من خلالها أدبيته؟ ماهي نتائج التجريب الطويل الذي مورس على الأدب بالاعتماد على مناهج ونظريات خارجة عنه، وما هي مؤشرات طرح إمكانية للحديث عن أدبية الأدب؟ هل يمكن عدها مراهنة خاسرة في ظل موت السردية الكبرى الخاصة بالتصنيف، أم أن هناك معالم في الطريق تؤسس لها بلاغة النص الأدبي ذاته هي ما تعطي لنا مشروعية طرح سؤال الأدبية من جديد؟
لمزيد من المعلومات، انقر هنا